محتوى المقال
تحليل الذات (التحليل الداخلي)
لا تلعب دوراً غير دورك / ليس مخصّصاً لك
هناك من يحاول أن يلبس ثوباً لا يُناسبه.. بالقوة، ويأخذ دوراً ليس مُخصصاً له ولا مسخّراً له، فكأنه يُريد إعادة تشكيل جسمه مع هذا الثوب الجديد، وإعادة تشكيل ذاته بما يناسب الدور والعمل الذي ينويه،
بينما العكس هو الصحيح (تفصيل السّرج على الحصان، وليس تفصيل الحصان على السّرج!) “كل مُيسّرٌ لما خُلق له” حديث شريف، “لا يُكلّف الله نفساً إلا ما آتاها” ” لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها”..
الشرع لطف بحالنا في أمور ديننا المقدمّة حتماً على الأعمال.. فلماذا لا نلطف نحنُ أيضاً بحالنا ونطبّق الحديث “اكلفوا من الأعمال ما تطيقون”
***
استثمر وقتك.. واحرص على ما ينفعك:
عزّز صندوق مهاراتك المؤدّية للنجاح، والذي يشبه صندوق العدد والأدوات للنّجار، الذي يحوي كثيراً من الأدوات التي تساعده، للتعامل مع مختلف الحالات التي تعترضه.. اسعى طوال الوقت لتعبئة صندوقك، بكل المهارات المعمّرة اللازمة للفلاح بحياتك والنجاح بتجارتك.
ومما يساعد على تحقيق ذلك؛ رفع حزمة الدوافع الإضافية التي تضاعف حافزيّتك للعمل
لتحقيق ذلك بفاعليّة؛ استعن بالتفكّر والتأمّل حتى تضع اصبعك على الأولويّات القصوى التي ستُحدّد بدورها ملامح الاتّجاهات الذكية التي يجب ان تسلكها،
وذلك لا يتأتّى إلا بالتحليل الداخلي؛ بتحليل قابليات وملكات الذات بعمق وبشكل مستمر، من جهة، والتحليل الخارجي؛ تحليل السوق بشقّيه المنافسين والزبائن بالإضافة لمحيطك المُساند ومعارفك الذين يمكن أن ينفعوك.
***
إيجاد دوافع إضافية خارجية، دوافع شخصية خارج نطاق العمل؛ دوافع تؤدّي لحفز الهمّة لاكتساب المهارات المثالية –مُتناسبة مع الذات، نافعة للمشروع، نافعة للدوافع الخارجية تلك-، ويمكن للدوافع الخارجية تلك أن تكون: رغبة في تطوير حياتك الزوجية، التربوية، الاجتماعية، الروحيّة، النفسيّة..
مثال على مهارة تُعالج أكثر من دافع بنفس الوقت:
إتقان مهارات التواصل:
والتي ستفيد بنطاق العمل بكل أبعاده، من ناحية التواصل مع الذات لفهم نوعيّة الأعمال والأدوار المناسبة لذاتك، أو التواصل مع العالم الخارجي –السوق: المنافسين والعملاء ومحيطك المُساند- للتوفيق بينه وبين الإمكانات الداخلية.
ونفس مهارة التواصل القادمة من حافز خارجي مثل – مشاكل زوجية، مشاكل تربوية، عدم النجاح بالعلاقات الاجتماعية،…الخ- بدورها مهارة التواصل ستقوم بحلحلة كثير من الإشكالات، وخلخلة كثير من الصعوبات التي تواجهك بحياتك العامة، كمكسب إضافي فوق المكاسب المتحققة بالعمل جرّاء اتقان التواصل. والتواصل يعتبر من أعصاب المشروع الذي لا يستقيم حاله بدونها، وهُنا بهذه الجلسة الصّوتية قدّمت نظرة مختصرة عن التواصل وارتباطها بمشكلة عند أحد الأشخاص، وسيتّضح لكم عند سماع تلك الجلسة كيف أنّ نفس الكلام ينسحب وينطبق بشكل كبير على التواصل في الأعمال:
***
مثال على مهارة ثانية تُعالج أكثر من جانب من جوانب حياتنا – بما فيها تجارتنا -:
الذكاء العاطفي:
العاطفة والشعور هو مؤشّر ومقياس وهبه الله لنا، ليدلّنا على أن الأمر يُناسب ملكاتنا وقدراتنا ومستوى طاقتنا ووُسعنا، أم أنه خارج (دائرة كفاءتنا) ولا نستطيع أن نصل فيه إلى مرحلة ( الراحة والإتقان).
الذكاء العاطفي تجاه الآخرين؛ فالقدرة على الإحساس بالآخرين وتخيّل الأمور بمنظور عاطفي ونفسي أمرٌ مهم؛ فكل الإحصائيات تؤكّد أن قرارات الإنسان يبنيها –بنسبة كبيرة – على عاطفته وليس على عقله،
فانت تعمل أو تتعامل مع شخص أو تريد تركه على النقيض، بسبب ارتياحك النفسي معه، وتذهب لتقصد مكاناً بعينه تشتري منه؛ بسبب ميولك وتفضيلاتك النفسيّة!
الذكاء العاطفي.. مفتاح القلوب
بالتالي يجب أن نتنبّه كثيراً للذكاء العاطفي ونُرقّيه لدينا ونرقّي مستوى إحساسنا بالآخرين كي نكسبهم ولا نخسرهم.. كي يزيد المتعاملون مع تجارتك فتنجح، ولا يقلوا فتفشل.. كيف تُحسِن في علاقاتك الشخصية مع محيطك المساند، ومع عملائك، ومورّديك، والفريق المتعامل معك.. بل حتّى مع منافسيك ! وتُحسّن علاقتك معهم؛ ليزيد داعموك في تجارتك.
***
ومن الجوانب المهمّة في الذكاء العاطفي جانب (تحفيز الذات)، بحيث تستثمر كل ما يمرّ بحياتك ليكون مُساعداً ومُسانداً لك على اكتشاف (اتجاهاتك الذكية) بمشروعك،
فمشاكلك الشخصية تُحفّزك لاختيار اتجاه ذكي مثل إتقان مهارة التواصل المهمّة –كما أسلفت-، وهكذا ترص أحداث حياتك الرئيسيّة لتشكّل بوصلة تراعيها أثناء تطوير مهاراتك (مزدوجة الفائدة) التي تفيد عملك بشكل حتمي، وتفيد بنفس الوقت (جانب التوازن) الآخر المهمّ بحياتك،
فتتصاعد وتتكامل وتتحسّن شخصيتك، بشكل مستمر كلما تقدّمت للأمام، انطلاقاً من أولوياتك الشخصية والعملية على حدّ سواء، حينها ستُحس بقوة الدافع –لاصطفاف حافزين أو أكثر بجانب بعضها-، فتتآزر هذه الدوافع سويّاً، لتدفعك وتحثّك على اتمام هذه المهارة اللازمة، والتي حتماً ستكون قوّتها أكثر من حافز العمل لوحده.
وهكذا ستُحسّ بإنجازات ملموسة مرضية على صعيد عملك وصعيد حياتك الشخصية (الفلاح)،
حيث أنّك بهذا الشّكل تبدأ بتحديد ومطابقة أولويّات عملك وأولويات حياتك، والأهداف المزدوجة تركّز عليها لتزيد نجاح عملك وسعادة حياتك؛ وهذا التكنيك “الفائدة المزدوجة أو المكاسب المركّبة كما يسمّيها المؤلف روبرت جرين” يُعد من أنجح التكتنيكات لتحقيق تطوّر سريع وقفزات كبيرة، طبّقتها كثيراً واستفدت منها فائدةً عظيمة، ولذلك أنصح بها بشدّة.
***
ما الذي سينجم عن اتّباع مثل هذا التكنيك؟
الذي يجمع مشاكل الإنسان في بوتقة واحدة، ثم يلعب لعبة اختيار أكثر المشاكل – العملية والشخصية – التي تحوي روابط معينة وسمات مشتركة، ثم يبحث عن المهارة التي يجب تطوير الذات فيها كي تحل هذه المشاكل المشتركة وتضرب أكثر من عصفور بحجر واسع.
ما الذي ينجم عن هذه اللعبة الممتعة المفيدة؟
تبدأ بتهديد وقت فراغك.. وتطرد الملل والألم والعجز..
الملل الذي ينجم عن عدم وجود شيء يستهويك تقوم به؛ فعندما تصمّم اتّجاهاتك الذكية تجاه العمل الذي يناسب ذاتك وقدراتك وقابلياتك، وتجاه المهارات اللازمة لفلاحك التجاري والشخصي، حينها فإن جهدك سيكتسب قيمة أعلى بنظرك، بل إن المتاعب والمصاعب يصبح لها معنى، وتنكسر حدّة مرارتها، فتندفع للعمل الهادف لفلاحك، ولنموّك بكافة جوانب حياتك، فلا يعود هناك داعي للملل حينها؛ حيث أن الجهد المناسب لك سيطرد الملل ويحل محلّه.
بالعكس؛ فإنك بدلاً من الملل ستستغرق وتنساب مع عملك وتسترسل معه وتستمتع به، ليتحقق فيك نظرية (ميهالي) التي يُطلق عليها الإنسيابية او حالة التدفّق أو الميهالية. (أنصح بقراءتها).
أما بالنسبة للألم الناجم عن الأحداث التي تمرّ بك، سواءً من خلل علاقاتك أو بسبب محدوديّة مواردك؛ فعندما تُصمم الأولويات الذكيّة التي تُعالج مشاكل علاقاتك ومشاكل عملك على حدّ سواء –كمهارة التواصل-؛ فإن ذلك يُحاصر الألم ويخنقه، لا سيّما وأن هذه المهارة المتطوّرة ذاتها سترفع منسوب دخلك –مع الوقت والتمكّن- مما يحلّ مشاكلك الماليّة أو يحرّرك من منبع الألم (عبودية الوظيفة).
وعندما نأتي للعجز بالتعامل مع أمور حياتك، ومواجهتها بشكل عملي؛ ستبدأ – باستخدام مهاراتك المفضية للنجاح والفلاح، التي تعمل على تطويرها طوال الوقت-،
تبدأ باستخدام هذه المهارات للتأثير الفاعل بكثير من مجريات حياتك التي كنت ضعيفاً تجاهها كونك لم تكن تأخذ بأسباب المهارات اللازمة.. بالطّبع مع الاستعانة بمسبّب الأسباب أولاً وآخراً.
***
النجاح التجاري يحتاج لهدوء نفسي، وصفاء ذهني، ولن تستطيع أن تحقّق إبداعاً بعملك وأنت مثقلٌ بهمومك الأخرى – الروحية والنفسية والأسرية والاجتماعية… – لذلك من أبجديات النجاح التجاري، أن تعمل بتوازن، وتعمل بالتوازي على ضرب عصفورين بحجر واحد، فتطابق بشكل مستمر بين أولوياتك الشخصية وأولويات عملك، وتجد المفتاح والمهارة التي تفتح وتحلّ المشكلتين بنفس الوقت.
ذلك سيترتّب عليه أنّك باتباع تكنيك “الفائدة المزدوجة” الهادف لضرب أكثر من مشكلة بنفس الوقت، ستبدأ حياتك الشّخصية بالاتّزان، وذهنك بالصفاء، ونفسيتك بالهدوء، مما يُتيح لك التصرّف بشكل أذكى وأحكم في حياتك التجارية، مما يعني مزيداً من الإبداع والتقدّم السريع بصُحبة تلك المهارات اللازمة للنجاح.
***
ونقطة التوازن تلك من أهمّ الأسباب على الاطلاق التي تؤدّي لبلوغ هدفك التّجاري والنجاح الذي ترنوا إليه.
حيث أنّ مشاكلك الشخصيّة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بك، لا يمكنك الفكاك منها، وستبقى تطاردك وتؤثّر عليك طوال الوقت،
وعندما تشتدّ حدّتها تهاجمك هجوماً حادّاً لدرجة أنها تفقدك اتّزانك فتسقط من ارتفاع القرارات والتصرّفات الحكيمة في تجارتك وفي عملك، إلى قاع التسرّع وعدم الانضباط الانفعالي الذي يهدم ما بنيته.
فتُصبح كمن يقضي وقتاً وجهداً كبيراً ليبني تجارته وقت هدوئه، لكنّه بلحظة انفجار نفسي غير معالج وغير منضبط، يهدم كل ما بناه بوقت طويل، يهدمه بلحظات يسيرة، فيعيش هذه الحلقة الناريّة المُهلكة من البناء المُجهد والهدم الفجائي،
مما يجعله يدور حول نفسه ولا يستطيع أن يُنجز ويقطع مسافات مرضية، وذلك فخٌّ لا يُدركه معظم التُجّار، يقعون ضحيّته دون وعي منهم، لذلك لزم تعريفهم به.
ولأهمّية هذا الأمر فإنني خصّصت هذا الرابط (تجّار متوازنون)؛ ليتداولوا ويتعاونوا ويستفيدوا من تجارب بعضهم في (مطلب التوازن بالحياة وكيف يساهم بتصفية ذهنك وتهدئة نفسيتك وبالتالي نجاح مشروعك).
***
تحديد الأولويّات المثالية:
يجب تحديد الأولويات التي تُحقّق فارقاً بمشروعك ونقلةً نوعيّة، لتضغط على الأزرار الصحيحة وتركّز على الأولويات، بدلاً من التشتّت بأمور هامشيّة لا تسمن ولا تغني.
فتبحث دائماً عن المرض وليس العرض، وعندما تحاصر هذا المرض الواحد تختفي كثيراً من الأعراض التي كُنت تنشغل بمصارعتها وكأنك تصارع ظلّاً لا تستطيع هزيمته.
لتكن كالصيّاد الذي يبحث عن مركز التأثير، فيضرب الأفعى على رأسها وليس ذيلها، ويضرب مركز الاخطبوط دون أن ينشغل بأذرعه.. فعندما تتمكّن من العصب الرئيسي المتسبّب لمشاكلك، عندما تقتلعه حينها ستتهاوى كل أذرع المشكلة وأعراضها.. تماماً كما تختفي كل أوجاع الضرس المؤلمة بعدما يتم قتل عصبه.
***
أولويات منطقية:
استثمار وقت البركة، الصباح الباكر من بعد صلاة الفجر، والذي يُمكّنك من أداء الكثير بوقت قليل، بتركيز عالي وصفاء ذهني يصعب أن يتوفّر ببقيّة الأوقات. (بورك لأمتي في بكورها) حديث شريف
تنظيم التفاصيل والمعاملات والأوقات كي تأخذ حقها
عدم الثبات على آلية واحدة والاجتهاد المستمر لتطوير انماط العمل وتحسين اتجاهاته (اﻻتجاهات الذكية)
انتقاء نوع العمل ونوع الأدوار التي ستستمتع بالانخراط فيها، وذلك يترتّب حتماً على فهمك لذاتك.. وهذه النقطة هي الخيط الفاصل بين النّجاح والفشل.
وعلامة الاستمتاع بالعمل؛ انك لا تمل الادوار التي تقوم بها؛ بل تستمتع بتطوير نفسك فيها -علميًا وعمليًا- بشكل يومي لأقصى حد ممكن؛ بحيث يكون عملك هو الشيء الذي تنتظر اداءه بفارغ الصّبر، ولا تستحمل البعد عنه (اعمل ما تحب، كي تحب ما تعمل).
***
يجب تقوية مهارات التحليل: لما يناسبك، لما يناسب السوق، لمنافسيك، لعملاءك، تنمية قدراتك على فهم احتياجات عملاءك وشكاويهم المعلنة والخفيّة.
***
الإكثار من ممارسة (التأمل) لبناء حلول ابداعية، والتفكير من خارج الصندوق تجاه التحدّيات ونتائج التحليلات.
***
التصوّرات القاتلة..
عن الذات، السوق؛ المنافسين، المستهلكين، المنتج.. (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنّ) صدق الله العظيم.
***
من المخاطر الفتّاكة؛ الدخول للمشروع بإطار مرسوم في الذهن مسبقاً؛ فتعمل وفقاً لهذا الإطار سواءً كان حجمه أكبر من اللازم أو أصغر، أو كان إطاراً معوجّاً.
***
من اخطر اسباب فشل المشاريع: ان ينطلق الشخص بقناعات متحجرة غير مرنة وغير قابلة للتعديل والتطوير وفقًا للمستجدات التي يواجهها.
***
الاعتقاد الخاطئ بأن العمل يُمكن إنجازه بنحو معيّن، عبر شخص أو جهة معيّنة، أو أن البرنامج الفلاني هو الوحيد الذي يمكنني الاستعانة به.. ارتقي ووسّع أفق رؤيتك فهناك دائماً خيارات كثيرة.
***
اسعى دائماً لكسر بارادايم تفكيرك النّمطي الذي يحوي كثيراً من المغالطات المنطقية، وحاول رفع وعيك وعلمك تجاه هذا الأمر وأهمّيته (يمكن الرّجوع لكتاب: التفكير الواضح، وسلسلة د. حذيفة عكّاش حول أخطاء التفكير، وبعض كتب الدكتور عبد الكريم بكّار).
***
افتقاد المهارات الأساسية اللازمة للنجاح، والتي تعد بمثابة الأجهزة الحيوية بجسم الإنسان (كالجهاز التنفّسي، والجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والجهاز المناعي، وجهاز الإحساس والإدراك: السمعي، البصري..) والتي لا يستقيم جسم الإنسان بدونها ولا يستقيم مشروعك بدون نظيراتها من المهارات:
فعندما يفتقد الإنسان لحواس الإدراك والتلقّي السليمة “كالسمع والبصر” التي تتلقّى البيانات المختلفة، فإنه حينها يفتقد لقدرته على استقبال هذه البيانات بقدر الضرر التي أصاب تلك الحواس، أو بقدر الانحراف الذي أصابه (كمن أصابه انحراف البصر، أو عمى الألوان) فيصبح يرى بشكل غير دقيق.. تماماً كالذي لا يُتقن مهارة رؤية الحالات العملية التي يطّلع عليها، وكمن لا يستطيع فهم المعاني الكامنة والرسائل الخفيّة التي يحويها كلامُ الآخرين، فيطير بالقشور والمعلومات السطحيّة دون أن يخترقها وينظر لحقيقتها وجوهرها وما يختبئ ورائها من دلالات.
“أحياناً نحن ننظر.. لكن لا نرى”
بعد أن يتلقّى الإنسان المعلومات التجاريّة – كما يتلقّى الفم الطعام – بعدها تذهب المعلومات للعقل كي يحلّلها كما تحلّل المعدة الوجبات، فإن كانت مهارات التفكير الأساسية المنطقيّة تحوي خللاً، فإن ذلك سينعكس على شكل أخطاء بتحليل تلك المعلومات؛ مما ينتج عنها قرارات وإخراجات خاطئة، تماماً كما لو كان هناك عطب في جهاز المناعة بما يؤدي لتمرير الفايروسات والبكتيريا المضرّة بالجسم، المصاحبة لمدخلات الطعام أو الهواء، فلا يستطيع التعرّف عليها وضررها، فتُهلك المشروع.
وهذا ما يدفعك لتُنقّي نفسك من كثير من أخطاء التفكير وتحيّزاته الشنيعة، ليكون مشروعك وحياتك في حالة منيعة.
وهنا أشبّه الجهاز العصبي الذي ينقل ((الإشارات العصبية)) من العين والأذن إلى الدماغ؛ أشبّهها بمهارات التواصل التي تنقل المعلومات والأفكار من دماغ إلى دماغ، من دماغ عميلك / مورّدك / فريق عملك / المتعاونين معك / محيطك المساند… إلى دماغك؛
فإن كان هناك عطل بهذا الجهاز العصبي، وقام التواصل بنقل معلومات ليست ذات أولوية، أو نقلها مبتورة ناقصة، أو قام بتشويه تلك المعلومات بتحليلات واجتهادات شخصية ليست صحيحة، فإن ذلك من شأنه أن يوصل معلومات مغلوطة للدماغ؛ يبني بدوره قرارات خاطئة، تحرفك عن طريقك ووجهتك وتذهب بك إلى متاهة الصحراء القاتلة.
للاستزادة حول هذه النقطة أنصحكم بسماع هذا المقطع لأحدى جلساتي مع أحد الأشخاص، التي تناقشنا فيها حول نفس المسألة (اعتذر عن عدم وضوح الصوت بالقدر الكافي، لكن سيتم تحميل مقاطع أخرى أصفى وأنقى):
ومن أهم مهارات التواصل (مهارة الاستماع) التي تسمح لمحدّثك أن يُكمل فكرته كاملة دون أن تطير بمنتصفها، وتسمح له أن يُعبّر عن جوهر فكرته المكتملة باستخدام مهارات التواصل؛ عبر تحفيزه للاستطراد بالشرح من خلال إيماءاتك الدّالة على رغبتك بإكمال كلامه، وحُسن استماعك، وحُسن تعبيراتك المشجّعة له على الاستطراد بحديثه حتّى يفرّغ لك كل ما بجعبته.
***
ومما يساند مهارة الاستماع ويُكمّل مهارة الاتصال (فنّ الاسئلة) التي تُعد بمثابة المغرفة التي تغرسها في عقل محدّثك لتغرف منه المعلومات ذات الشأن، كالدّلو الذي ترميه في البئر والصنّارة التي ترميها لاصطياد ما تحتاجه.. وبهذا الخصوص أنصح بقراءة كتاب (اعرف أي شيء من أي شخص بأي وقت).
***
ولو عُدنا إلى الدماغ الذي تصله المعلومات جرّاء التواصل؛ إن لم يكن لديه مهارات (التحليل المنطقي) للأمور لتمييز المعلومات الضارة الشبيهة بالفيروسات من المعلومات الصحيحة المفيدة، ليتفاعل عقلك فقط مع المعلومات الصحيحة المهمّة المؤثّرة ذات الشأن، ويترك المعلومات الضارّة او الغير نافعة ولا يُبنى عليها قرارات.
***
وبعد التحليل يجب أن يكون هناك (فن اتّخاذ القرار) وهو من أعقد الأمور، حيث يتداخل في صناعة القرار عوامل عديدة مثل:
1. معتقداتك القلبيّة وصفاء روحك وعلاقتك بالله؛ هل يضخ جهازك الدموي قناعات نقيّة خيّرة تُساعدك على تنقية قراراتك من شوائب الشر؟ هل قرارك سيُرضي الله أم سيُغضبه؟ حيث أن أوامر الله تتوافق مع فطرة الإنسان ومع ضميره، ومخالفة خالقك العالم بما يُصلح حالك، ومخالفة هذه الفطرة وهذا الضّمير -كما أثبتت الدّراسات- ذلك يسبب اضطراباً داخليّاً لتضارب فطرتك وضميرك واصطدامها مع أفعالك المعاكسة، فينشأ ما يشبه “تأنيب الضمير” حتى لو م تحسّه بعقلك الواعي فإنّه سيعمل طوال الوقت في خلفيّة ذهنك بعقلك اللاواعي.
ألم يحصل معك من قبل أنّك تجترّ أخطاءً قديمة ارتكبتها بحياتك.. تلوم نفسك عليها وتؤنّب نفسك على ارتكابها؟ فتأكل من طاقتك النّفسية وتهبّط جهدك وتخور عزيمتك. ذلك يُعد أحد أشكال عدم اتزانك النّفسي، يستنزف طاقتك كما يحصل للتطبيقات المفتوحة بخلفية جهازك والتي لا تستخدمها.. لكنّها بواقع الأمر تستنفذ من بطاريّة جهازك.. شئت أم أبيت.
2. عاملٌ آخر يتدخّل في جودة قراراتك: مهارتك بالتواصل ودقّة المعلومات التي تبني عليها، وتنسج قرارك على ضوئها.
3. معرفتك لذاتك؛ وبالتالي معرفة إن كان القرار سيتلائم مع كينونتك العميقة ويُقرّبها من النجاح والفلاح، أم لا.. فمن فهمك لذاتك ولملكاتك وقابليّاتك، تدرك أنشطتك الذكيّة التي تلائمك، والتي تسعى دائماً للتبلور حولها والتربيط بينها.. فمعرفتك لهذه النقاط المهمّة يجعل منها إطاراً مرجعيّاً لاتّخاذ القرار.
4. مرونتك؛ وقدرتك على تغيير الطريق ان كان الخير في ذلك الحقل/ المجال / النطاق / التربة / البيئة… الملائمة لك والتي ستزدهر فيها.
***
أبواب مثاليّة:
يمكنك الولوج منها لتجريب (حقل العمل المثالي) لحالتك، فبعدما تتحسّس هذه الحقول بمعايشة عمليّة، وتعافس الأدوار التي تتخيّلها نظرياً تخوضها بشكل عملي؛ عندها سيتبيّن لك مدى منطقيّتك باختيار هذا الاتجاه وهذا الحقل والدور الذي ستقوم به.
التسويق التطويري دائماً هو افضل مدخل يجعلك تعيش العمل وتشعر مكوّناته وتحسّ خفاياه، فالتسويق من جهة يرميك في وسط معركة العمل بين الزبائن من جهة، والعاملين بالمجال من جهة أخرى، بين استراتيجيات التعامل والتسعير، وشكاوى العملاء وطرائق التسيير.
ولمسة التطوير من جهة أخرى ستكشف لك مدى انسجامك مع العمل ومدى اختمار أفكاره بعقلك، ومدى تلائم تفاصيل العمل مع نوع ذكائك، ومدى تناسب أدوار العمل مع قابليّاتك.. فتجد بنهاية المطاف أنّك تركب في هذا العمل كما يركب فيش الكهرباء في موضعه بالتمام والكمال، أم أنّك لن تركب بهذا العمل.
والتطوير ذاته هو كلمة السرّ وهو المعيار الفارق الذي يكشف لك درجة اندماجك فيه؛ فعندما تحقق – عملياً اثناء انخراطك بتسويق المجال الذي تعمل فيه وليس نظرياً في خيالاتك وأحلامك وأوهامك- عندما تحقق بهذا الانخراط العملي أفكاراً نوعيّة تتجسّد على أرض الواقع ينجم عنها نجاحات تفوق نجاحات المنافسين، وترى أنّك تُحقق بشكل مستمر هذه النقلات والقفزات، سواءً كان ذلك على صعيد فهم العملاء بشكل عميق، واحتياجاتهم الخفية الغير ملبّاة، و/أو تطوير المنتج ومزاياه حتّى يصبح برّاقاً لافتاً للعملاء يشترونه منك ويعاودون الشراء ويوصون بالشّراء منك..
حينها فقط تُدرك بوعي ونضج أنّك قادر على تقديم قيمة مضافة بهذا المجال، بأدوار تستطيع إتقانها، بعقليّة ستندمج مع العمل، ونفسيّة مرتاحة بهذا النّشاط، حينها فقط يمكنك الانتقال لمستويات متقدّمة بالعمل والاستثمار فيه بما يتجاوز مجرد التسويق، الذي كنا نريد أن نهدف منه إلى استكشاف السوق، العملاء واحتياجاتهم، المنافسين ونقطة ضعفهم، المحيط الذي سيساندك ويؤمّن لك المكان / العمل / المنتج ليمنحوك مدخلاً تنطلق من خلاله بالتسويق والتطوير.
التسويق الذي كان يهدف أيضاً لاستكشاف ذاتك، وأدوارك الملائمة، ونوع طاقتك الفكريّة ومهاراتك العقليّة التي ستتّضح مع المعافسة العملية، لتظهر لك نوعية ملكاتك الذهنيّة، سواءً كانت استراتيجية، أو لوجستية، أو اجتماعية، أو تنفيذية. (د. رضا الحديثي فصّل بهذه الأنواع الأربعة بشكل رائع).
فالتسويق بهذه الحالة كان معبراً لك، معبراً آمناً، معبراً سلساً، يجعلك تدخل المجال الذي يتراءى أمامك بيسر وسهولة دون مخاطرة، لتذهب إليه وتكتشفه بنفسك وتعرف إن كان أمراً يناسبك ويمكنك الاستغراق والاستثمار فيه والانكباب عليه بمالك وجهدك ووقتك وعلاقاتك…
أم أنه مجرد سراب، حيث خدعك جهاز الإدراك لديك (نظرك) كما تخدعك بقيّة حواسّك وأجهزتك في كثير من الأحيان دون أن تحسّ.. فنصبح كمن قال الله فيهم (يحسبه الظمّآن ماءً.. حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً)!
للاستزادة حول هذه الاستراتيجية المثالية لبدء المشاريع يمكنك الاشتراك بهذه القائمة (اسمك، ايميلك، رقم الواتس الخاص بك)
التسويق التطويري يكشف لك المشهد بشكل بانورامي بدلاً من الرؤية الضيّقة التي كنّا نريد أن نتّخذ القرار على ضوئها؛ والتي تؤدي حتماً لخسائر فادحة، فحسب كثير من الاحصائيات والمشاهدات العيانية (80-90%) من المشاريع تفشل وتغلق أبوابها، بينما يستمر فقط 10-20% منها، وهذه النسبة طبيعيّة؛ فلو كان النّجاح التجاري سهلاً وهو النسبة الغالبة، لنجح فيه معظم النّاس ولما رأيت كثيراً من الموظّفين يتعذّبون في رمضاء الوظائف تحت صخور المدراء الذين لا يراعون ولا يُحسّون بفريقهم بل قد لا يحترمونهم.
ولو عملت استفتاءً على كل محيطك وسألتهم: كم شخص منهم ومن معارفهم جرّب تجارة وفشل فيها.. ستفجعك الاجابات التي ستحصل عليها.. فلا تكن مثلهم.. وتصرّ على الوقوع بنفس حفرهم.
***
من الأخطاء الشائعة.. الانشغال بسفاسف الأمور على حساب جوهر الأولويات المؤدية للنجاح (رفع مهاراتك المُعمّرة، ورفع قيمة منتجك وعدم تضييع الوقت في قشور هامشيّة)؛ اغزل حول مهاراتك اللازمة للفلاح طوال الوقت، واغزل حول قيمة منتجك ومدى كفاءته وفاعليّته وخدمته للناس، وجذبه لهم – انظر مقال: قيمة منتجك وتلبيته لاحتياجات الناس.. طريقك للنجاح التجاري-.
إياك ومنطقة ضعفك
انطلق من دائرة كفاءتك المكونة من:
الملكات والقابليّات: القدرات الفطرية التي وهبها الله لك، وبالتالي تُمكّنك من أداء أدوار بارعة بأريحية عالية، سواءً تعرّفت عليها أم ما زالت قابعة بداخلك، لم تجد بعد متنفّساً ومنفذاً تخرج منه لترى الضوء ولتثبت نفسها، وكثير من الناس يفقدون جزءاً مهما من مقومات النجاح نظراً لعدم التفاتهم لتلك الطاقات المهمّة.. وللاستزادة حيالها أنصح بالقراءة والسّماع للدكتور رضا الحديثي، فقد استفدتُ منه كثيراً بهذا الجانب.
المكتسبات: المهارات والخبرات التي اكتسبتها بسعيك وجهدك وتجاربك وخبراتك وتعلّمك.
دائرة معارفك وعلاقاتك التي كوّنتها.
استهدف البقعة المُناسبة من السوق.. التي تحمل أكبر قدر من التقاطع بين:
نوع الحقل / المنتجات التي تؤمن بها
أدوار تستطيع ملكاتك ومكتسباتك أن تفي بها
التي يُعززك فيها معارفك
Comments